تم العثور على نسخة للعاصمة كييف من إنجيل مازيبا في تراث مكتبة فولوديمير فرنادسكي الوطنية، بعد زيارة سفير أوكرانيا للبنان.
ينتمي هذا الإرث إلى التراث التاريخي الوطني، ففي كانون الثاني و يناير عام 1708، في مدينة حلب، تحتوي النسخة على إهداء بخط اليد للراعي هيتمان كتبه بطريرك أنطاكية أثناسيوس الثالث دباس.
اعتُبرت نسخة كييف من إنجيل مازيبا مفقودة من مدة، واليوم تعاد النسخ الخاصة ببوخارست وسانت بطرسبرغ، فقد كانت من ضمن الطبعة في البحث العلمي الحديث لدار الطباعة في حلب (1706-1711).
تستعد سفارة أوكرانيا في لبنان بالتعاون مع مكتبة فرنادسكي الوطنية ومؤسسة متروبوليتان فولوديمير التذكارية، لنشر نسخة طبق الأصل قريبا.
إنجيل مازيبا هو عنوان الأناجيل الأربعة التي نُشرت في كانون الثاني (يناير) 1708 في حلب. ويعتبر أحد العناصر المهمة فيه هو المقدمة التي كتبها بطريرك أنطاكية أثناسيوس الثالث دباس المكرسة .
من ناحية أخرى هو شهادة على العلاقات التاريخية القديمة لأوكرانيا مع الشرق الأوسط، فتم اكتشاف صفحة غير معروفة في حياة وعمل هيتمان إيفان مازيبا باعتباره الراعي والمتعاون العظيم للشرق الأوسط الأرثوذكسي في مطلع القرنين السابع عشر والثامن عشر.
نُشر هذا الإنجيل في مطبعة حلب في سوريا ولها اسم آخر “أثينا الآسيوية”، والتي طبعت خلال فترة 1706-1711، ونشر منها إحدى عشر مطبوعات ليتورجية منها: (مزامير، إنجيل، إنجيل أبراكوس، رسول، أوكتويشوس وغيرها).
كان رعاتها الرئيسيون مالكي الأرض والأشيان كونستانتين برينكوفيانو وهتمان إيفان مازيبا وميرهورود كولونيل دانيلو أبوستول.
تابع هيتمان إيفان مازيبا دار الطباعة في حلب عام 1707 خلال حرب الشمال العظمى، واتخذ هيتمان القرار المصيري بالدخول في تحالف مع الملك تشارلز الثاني عشر ملك السويد والملك البولندي ستانيسلاف ليسزينسكي، وبالتالي الانسحاب من محمية موسكو وإنشاء دولة مستقلة على الأراضي الأوكرانية.
في نوفمبر عام 1708 تم تدمير باتورين عاصمة هيتمان، وفي يونيو 1709 خسر الحلفاء تشارلز الثاني عشر في معركة بولتافا، وبعدها أجبروا على التراجع إلى الجنوب، إلى الإمارة المولدافية هناك، في قرية “Varnytsia”، بالقرب من “Bender” في سبتمبر عام 1709 توفي هيتمان العظيم ، وأعيد دفن رماده في دير مار مار جورج في مدينة جالاتي (رومانيا الحالية).
من أعمال لجنة بندر التي شكلها تشارلز الثاني عشر بعد وفاة إيفان مازيبا لحل نزاعات الملكية حول إرثه، وجد الناقد الأدبي والفلكلوري الأوكراني ميخايلو فوزنياك (1881-1954) الدليل التالي على تمويل هيتمان للطباعة العربية: لطباعة الإنجيل باللغة العربية، كانت3000 زلوتي نقلوا إلى يدي بطريرك الإسكندرية و 3000 زلوتي (أوتيه) نقلوا إليه “.
ثمة حقيقة لا جدال فيها برأي الدباحثين: تأبين مازيبا في مقدمة الإنجيل كتبه بطريرك أنطاكية باللغة اليونانية على صفحتين وبالعربية في خمس صفحات، تلقى بطريرك أنطاكية 6000 قطعة نقدية ذهبية من الهتمان الأوكراني 3000 منها لطباعة الإنجيل و 3000 أخرى لتطوير الكنيسة.
حتى الآن عرف العلم أصلا لنسختين من الإنجيل مكرسة للهتمان؛ إحداها مخزنة في سانت بطرسبرغ في المكتبة الوطنية الروسية في قسم الأدب في آسيا وأفريقيا، والثانية نسخة من الكتاب في بوخارست تنتمي إلى مكتبة الأكاديمية الرومانية.
قال الببليوغرافي الروماني المعروف إيوان بيانو في اجتماع للأكاديمية الرومانية في 18 مايو 1917 : “إن البطريرك أرسله كهدية إلى فويفود كونستانتين برينكوفيان، كما يتضح من الختم الصغير لابن فويفود، جريجوري برينكوفيان، بتاريخ 1762″، ولهذه الأثار والأهمية تأتي المطالبة بتخصيص جزء من أموال مكتبة الفاتيكان لطباعة نسخ أخرى.
مما قاله إيفان في لبنان:
“بعد فترة وجيزة من تعييني كسفير ومفوض في لبنان، بدأت بحثا شبه بوليس عن نسخ مجهولة من إحدى عشر طبعة تاريخية من الكتب الليتورجية لدار حلب للطباعة، بما في ذلك إصدارات عناوين الأناجيل لإيفان مازيبا ودانا، وذلك لأجل دراسة مساهمة من أوكرانيا في طباعة الكتب الأرثوذكسية العربية، وقد قمت بزيارة العديد من الأديرة والمكتبات ودور المحفوظات والجامعات اللبنانية واكتشفت مطبوعات قديمة فريدة من تلك الفترة التاريخية لم تكن معروفة من قبل للعالم العلمي، وتمكنت من العثور على ثلاثة أناجيل فريدة، يتطابق نصها مع(نسخ مازيبا)، على الرغم من عدم تأبين الهتمان ؛ بالإضافة إلى سبع نسخ من الأناجيل الأخرى وأكثر من اثنتي عشرة مطبوعة لحلب القديمة في أوائل القرن الثامن عشر.