كتب: محمد فهد الشوابكه
بوابة اوكرانيا – كييف في 4 يناير 2021 –
لست ممن يؤيدون تكميم الأصوات التي تعبرعن آرائها، ولست ممن يطالبون بكتم حرية الإعلام، ولا ممن يؤيدون إغلاق المنابر الإعلامية، وإنما عندما يكون هنالك حرباً على الوطن ومصالحه فان من الواجب التحرك بكل حزم، لقطع دابر من يبث سمومه في المجتمع ويحارب وحدته الجيوغرافية والاجتماعية والسياسية ويعمل على تدمير مكوناته ويعبث في البلاد خراباً.
منذ أيام وأنا أتابع الأخبار واتنقل كالدينامو الذي لا يتوقف بين المواقع الأوكرانية، أتابع هذا القرار الغريب والجريء في ذات الوقت،
أوكرانيا تغلق 3 محطات تلفزيونية.
قرار جعلني أؤكد على أننا أمام دولة قوية لا تعرف الواسطة والمحسوبية وخاصة عندما يكون الوطن ووحدته الهدف؛ عندها يتوجب على الجميع التكاتف والوقوف صفاً واحداً في مواجهة الأخطار.
إجراءات وقرارات اتخذتها أجهزة الحكومة مدعومة بموقف رئاسي صارم اتجاه هذه المحطات، وتبعه قرارات متعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي، حقاً أنها حالة نفير جماعي واستيقاظ لمكونات الدولة في محاربة الفساد الإعلامي الذي استمر لفترات طويلة يبث سمومه عبر منابره بين المجتمع، ويشوه صورة البلاد في الخارج.
شاهدنا ردود فعل اتجاه إغلاق محطات تلفزيونية ما بين مؤيد ومعارض، وأياً كان الموقف اتجاه هذه القرارات… فان الحكومة هي صاحبة القرار الذي يحدد مدى الضرر الذي يحدث نتيجة استمرار هذه المحطات ببث الأخبار، والامر المؤكد أن الحكومة عندما تقدم على إغلاق محطة تلفزيونية أو أي منبر إعلامي آخر أكان إلكترونياً أم ورقياً فإنها لا تستطيع أن تغلقه بدون أسباب حقيقية تعتمد عليها لعدة عوامل أبرزها أن وسائل الإعلام تبث عبر الفضاء أخبارها والجميع يشاهد ويستمع لما تنشره، وبالتالي فإنه ليس من السهل على أي حكومة في العالم إغلاق أي منبر إعلامي بدون أسباب قوية، وهذا ما شاهدناه بموقف أوكرانيا الأخير في حملتها الواسعة لمحاربة ناشري الأخبار المزيفة عبر وسائل الاعلام الفضائية والشبكة العنكبوتية.
واستهجن معارضة البعض لهذا القرار وأقول لهم أليس أوكرانيا دولة ذات سيادة لها الحق في وضع الضوابط للوسائل الأعلامية التي تعمل على ارضها ومعاقبة الأشخاص الذين يحاولون النيل منها.
لست خبيراً بالشأن الأوكراني وإنما منذ أشهر قليلة ومن خلال إطلاقي لموقع بوابة أوكرانيا الإلكتروني، أصبحت متابعاً لأخبار أوكرانيا اليومية، وكثيراً ما كنت أحدث نفسي عن المستوى العالي من الحرية في التعبير، والذي تفتقره العديد من الدول، بل وصل مستوى حرية التعبير الى مستوى “الوقاحة” في بعض الاحيان، من خلال التطاول على شخصيات عامة بما فيها رئيس الدولة.
نعم؛ نريد ديمقراطية وحرية، ولكن لا نريد أن يساء استخدام هذه المسميات لأمور تخدم دول خارجية ومصالح شخصية.
يقول المثل ” أن تصل متأخراً خيراً من أن لا تصل”، نعم تأخرت مواقف الحكومة في بتر منابع الإعلام المأجور الذي يعمل لمصالح خارجية، ولكن في نهاية المطاف اتخذت القرار الحكيم الصائب.
والسؤال لماذا تلومون أوكرانيا على قرارتها؟.. ففي أمريكا لا يزال حديث الشارع الإعلامي والسياسي قضية محاكمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإغلاق منابره الإعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أليست أوكرانيا مثل أمريكا؟…
والأمر المثير هو ما تقتضيه مصلحة الوطن … نعم؛ نريد من الحكومة الأوكرانية أن تضع التشريعات والقوانيين التي تنظم هذه الأعمال وتغلظ العقوبات على كل من يسعى للنيل من البلاد بغض النظر عن الطريقة التي يستخدمها.