بوابة اوكرانيا- كييف 26 مايو 2021: على الرغم من البرامج الإصلاحية التي تقوم بها الحكومة في محاربة الفساد، وتعديل العديد من القوانين المتعلقة بالاستثمار في اوكرانيا الا انه ما زالت الاستثمارات الاجنبية المباشرة تشكل نسبة منخفضة في الاقتصاد الأوكراني ، حيث تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن الجهات الرسمية ان حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في أوكرانيا في 2010-2019 ، مليار دولار أمريكي، وهذا الرقم يعتبر متدني جداً اذا ما قورن بكمية المواد الخام الذي تنتجها اوكرانيا، والتي تعتبر احد أبرز محفزات الاستثمار في العالم.
وبحسب التقارير الصادرة عن دائرة الإحصاء الحكومية في أوكرانيا والبنك الوطني الاوكراني فان هناك تخوف من قبل المستثمرين الاوكران من الاستثمار في بلدهم، ويفضلون الاستثمار بالخارج رغم ان اوكرانيا تمنحهم الكثير من التسهيلات التي لا يجدونها في البلدان التي يستثمرون من خلالها.
وفقًا لدراجون كابيتال، يتضح هذا من خلال نتائج الاستطلاع السنوي الخامس للمستثمرين الأجانب، الذي أجرته رابطة الأعمال الأوروبية، ودراجون كابيتال ومركز الاستراتيجية الاقتصادية في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ان حوالي 48٪ من المستثمرين الأجانب أن أوكرانيا أصبحت أقل جاذبية للاستثمار، حيث يعتبر42٪ أن مناخ الاستثمار لا يتغير، و9٪ فقط يرون تحسنًا دائمًا في الاستثمار.
وجاء في التقرير للمرة الأولى منذ خمس سنوات، تصدّر الاستطلاع أسباب تراجع الاستثمار عدم الثقة في القضاء الذي يعد حاجزاً امام الاستثمار الأجنبي، واحتل الفساد المستشري في المرتبة الثانية؛ وهذان الحاجزان هما الأكثر أهمية لكل من المستثمرين الاستراتيجيين والممولين .
واكد التقرير ان احتكار الأسواق واستيلاء الأوليغارشية “حكم الاقلية” على السلطة تشكل العقبة الثالثة، على الرغم من أن المستثمرين الاستراتيجيين ورواد الاعمال يواجهون أيضاً عقبات كبيرة بسبب التشريعات المرهقة وغير المستقرة.
ويرى المستثمرون الاستراتيجيون أيضًا تهديدًا في السياسات المالية والنقدية شديدة الليونة، مما يشكل مخاطر على استقرار الاقتصاد الكلي.
ويعتبر مستثمرو المحافظ أن عدم القدرة على التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يمثل التهديد الأكبر بعد التخلف عن السداد.
يُطلق على حالات التخلف عن السداد في الاقتراض الحكومي أكبر تهديد لمناخ الاستثمار. الموقفان الثاني والثالث جاءا نتيجة الابتعاد عن القيم الديمقراطية وتغيير المسار الجيوسياسي.
ونشر مدير عام “Ukrpromzovnishekspertiza” فلاديمير فلاسيوك العديد من التقارير حول اسباب تراجع الاستثمار في اوكرانيا؛ وكتب على صفحته على الفيس بوك العديد من التساؤلات، كان ابرزها “ما هو الخطأ في الاستثمار الرأسمالي في اوكرانيا؟ وتابع.. العام الماضي اصبح الاستثمار راس المال منخفض لمستوى قياسي في اقتصاد اوكرانيا.. معلقاً: من الواضح ان كوفيد 19 ليس العامل الرئيسي لهذه الديناميكية.. الاسباب الرئيسية تكمن اعمق مما يدور حوله هذا المقال -اشارة الى مقال كتبه في احد المواقع الالكترونية-“
وقال فلاسيوك على الرغم ان البرنامج الذي قدمه صندوق النقد الدولي منذ عام 2014، والذي يبدو أنه أعطى إشارة واضحة للاستثمار في أوكرانيا؛ الا ان أوكرانيا تفقد جاذبيتها الاستثمارية.. وتسائل “لكن ما هي أسباب هذه الهزيمة المزمنة للاستثمار؟ بعد كل شيء”.
وتابع فلقد قامت أوكرانيا بتحرير التجارة الخارجية، ووقعت على عدد من اتفاقيات التجارة الحرة ، وتحرير العملة، ولكن الديناميكيات كما هي ولم يتم بناء أي شيء جاد في البلاد من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر.
وبحسب فلاسيوك فان هناك الكثير من الاسباب التي تقف عائقا امام الاستثمار الاجنبي المباشر وهي:
الاول: ارتفاع تكلفة الانتاج بسبب ارتفاع اسعار الطاقة، وكذلك عدم توفر العمالة الماهرة بسبب هجرتها، وان وجدت فهي مرتفعة، وعدم وجود بنية تحتية مناسبة.
الثاني: تصدير المواد الخام للخارج بدون قيود او رسوم وان وجدت تكون متدنية، فيستطيع المستثمر في بلده الحصول عليها دون الحاجة للاستثمار في اوكرانيا.
الثالث: عدم وجود سياسة منهجية لتشجيع الاستثمار في قطاع التصنيع، على غرار البلدان الأخرى.
الرابع: سلوك المستثمر المحلي مهم للمستثمر الأجنبي، هذه حقيقة واضحة وجيدة الوصف في الأدبيات الاقتصادية، فإذا لم يستثمر رجل الأعمال المحلي في الأصول الثابتة في بلده ، فلن يفعل رجل الأعمال الأجنبي الشيء نفسه لأنه لا يثق باقتصادنا.
الخامس: المبادرات سواء أكانت من الشركات الحكومية او شبه الحكومية او القطاع الخاص، فهذه المشاريع التي تقدم عليها هذه الجهات تحفز المستثمرين، وتجعلهم اكثر طمأنينة.
مشيراً في تقريره الى ضرورة تفعيل القوانين التي وضعتها الحكومة على ارض الواقع وتطبقها بشكل مباشر، لان فيها خدمة لاقتصاد اوكرانيا.
من هنا… فان لدينا في اوكرانيا فرصة كبيرة لتصحيح الوضع، فالاتحاد الاوروبي من جهته لديه نية حقيقية لدعم الاقتصاد الاوكراني، وكذلك صندوق النقد الدولي، فنقطة البداية والنهاية لجذب الاستثمار يكمن سرها في الاصلاح ومكافحة الفساد…
بإطلالة بسيطة على دور البعثات الدبلوماسية الاوكرانية المنتشرة في العالم، نجد ان هناك فجوة كبيرة بينها وبين المؤسسات الاقتصادية الاوكرانية، على الرغم من توجيهات الحكومة لها بالعمل على تفعيل دورها لجلب الاستثمارات الخارجية، ليقتصر دورها على إصدار التأشيرات، ولكن على ارض الواقع نسبة جلبها للمستثمرين لاوكرانيا قليلة جداً، وعلى الحكومة اعادة النظر في دور البعثات الدبلوماسية، ومسائلتها عن إنتاجيتها في هذا الصدد.
اقرأ ايضاً: الاقتصاد الاوكراني و2021 لا مفر من النمو ولا مجال للاستسلام