بقلم المحامي: محمد الشوابكة
يعد التقاضي الإلكتروني السمة الأساسية للمستقبل بعد ان فرضت جائحة كورونا جلسات المحاكم عن بُعد، مما جعل جميع دول العالم تسعى لبناء أنظمة ذكية للتقاضي عن بُعد خلال جائحة كورونا؛ وحتى لما بعد الجائحة حتى تبقى المنظومة القضائية قادرة على اداء دورها المحوري في الدولة من اجل ترسيخ أسس العدالة وسيادة القانون بين أفراد المجتمع في اي ظروف قد تمر لاحقا.
من ناحية اخرى فإن مفهوم التقاضي بصيغته التي ظهرت خلال الجائحة يتجه نحوعصرنة القضاء وضمان إستمراريته التي قد تتاح من خلال تفعيل مبدأ التقاضي عن بعد بإعتباره نظام قضائي معلوماتي يتم بموجبه تطبيق كافة إجراءات التقاضي عن طريق أجهزة الحاسوب المرتبطة بشبكة الانترنت وقواعد البيانات الالكترونية لغرض سرعة الفصل في الدعاوى وتسهيل إجراءاتها على المتقاضين مع دعوتي الى تطبيق بعض الاحكام الكترونية فيما يتعلق بالمطالبات المالية.
لكي نكون أمام آلية ناجحة ومستمرة لتكون الاساس لتطبيق نظام قضائي جديد قائم على أسس وقواعد تشريعية وأحكام قضائية وقادر على مواجهة كل التحديات التي قد تعيق حق المواطنين في اخذ حقهم الدستوري في التقاضي.
وهو ما لا يتحقق الا من خلال ترجمة التصور في اسرع وقت من خلال الانتقال من مستوى التصور التنظيري إلى مستوى تطبيق المحكمة الرقمية في أقرب وقت كان، وخاصة أنها تشكل بندا مهما من البنود الدولية الحديثة للتقاضي.
وانسجاما مع ذلك بادرت المملكة إلى إدخال تغييرات على نظام العمل داخل الدولة وملاءمته مع الحالة الوبائية للبلاد، وذلك بإقرار حالة الطوارئ الصحية وفرض الحجر الصحي على المواطنين والمواطنات بغية محاصرة الوباء والحفاظ على صحة الجميع على حد سواء.
ولعل الابرز في ذلك هوقرار تعليق الجلسات بالمحاكم الذي تبعه اعتماد نظام التقاضي عن بعد باستعمال الوسائط الإلكترونية كألية بدلية للمحاكمات العادية في ظل هذه الجائحة، حيث أنه قبل هذه الجائحة وإن كان التقاضي عن بعد باستعمال الوسائل التكنولوجية قد فرضته الثورة المعلوماتية إلا أنه كان خيارا لا ينفذ مادام التقاضي الوجاهي متاحا.
والسؤال هنا والذي يثير لبس يتعلق بمدى قدرة نظام التقاضي عن بعد على خلق التوازن ما بين ضمان استمرارية الخدمات القضائية وتعزيز حماية حقوق الافراد في نفس الوقت؟
من هنا فإن اعتماد التقاضي عن بعد ووضع أسس المحكمة الرقمية المنفتحة لى المتقاضين والتعميم التدريجي لاستخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في إدارة المحاكم وتسهيل تطبيقها على المتقاضيين ، يعد من بين ابرز النقاط التي تقوم على اساسها العدالة والمساواة.
ولتستطيع الاردن ان تواكب العالم وتستطيع ان تثبت وجودها في ظل العالم الالكتروني القادم لا محالة علينا العمل على تأسيس بنية تحتية رقمية متقدمة اساسا صلباً لتوسيع المجالات التي تتبنّى الحلول الرقمية؛ لتقديم الخدمات القضائية بالورة المثلى.
فالتغيير سيفرض ذاته على الجميع اجلا او عاجلا وإن كان البعض يجدصعوبة في التأقلم مع التعامل الإلكتروني والذكي، فإن الجيل القادم قادر على التعامل بذلك بمنتهى السهولة نشأوا وتربوا على التعامل معها، وسيكون الامر سهلا جدا عليهم.
وبما ان الحاجة أم الاختراع فإن حاجتنا اليوم لعدالة رقمية تفرض علينا اسراع وتيرة مضينا نحومحكمة رقمية تستجيب لمتطلبات العدالة وأحقية المتقاضين في ممارسة حقهم في التقاضي عن بعد بشكل يلامس التطلعات الى تحقيق العدالة المثلى.