كتب: محمد فهد الشوابكة..
إنها الحرب وآثارها المدمرة التي طال شرها الحجر والشجر بعد البشر، وجعلت الكثير من الأوكرانيين يغادرون منازلهم، ما بين البرد القارس ولهيب النيران التي لم تذر شيئا من شرها، نعم الغزاة يدمرون كل شيء.
ففي ليلة النصف من مارس عاش قرابة ألف حي في أوكرانيا بدون كهرباء، والبرد القارص يلفح أجسادهم وهم يحملون قلوباً حزينة على وطن يرونه يُدمر أمام أعينهم.
فيستمدون الدفء من زفير أنفاسهم المتقطعة.
نعم؛ إنها ليلة حزينة، الأمهات يحتضنَ الأطفال لتشعرهم بالدفء، الذي يخرج ناراً من أعماق قلوبهن …
الكثير لا يشعر بالمعنى الحقيقي للبرد القارص، إلا من عاشه قسراً وعنوة، بردٌ يرافقه أعين لم تنام مستيقظة بين الفينة والأخرى فزعاً على أصوات القذائف المدوية.
الخوف في أوكرانيا أصبح له معنى آخر، لم يعد الخوف على الحياة ذو أولوية، كما هو الخوف على وطن يدمر أمام أعينهم.
إنهم لا يدمرون المباني ولا يقتلون الأبرياء فقط، بل دمروا القلوب، وخلقوا بوحشيتهم جيلاً جديداً من المقاومة ممتلئا قلبه بجراح لن تداويه الأيام.
حملة ” سأعود للمساعدة ” النساء الاوكرانيات يعدن إلى منازلهن للمساعدة في الحرب والوقوف إلى جانب الجنود، في موقف أبهر العالم أجمع، وأظهر المعنى الحقيقي للمرأة الأوكرانية.
فلم تعد المرأة في أوكرانيا تفكر بالتسوق والذهاب إلى مراكز التجميل وغيرها من الرفاهيات، إنهن أصبحن يفكرن بالوطن وهمومه وأوجاعه وجراحه والقتال إلى جانب الجنود دفاعاً عن وطنهن، فلقد تحجرت الكلمات أمام هذا المشهد الذي أصبح بمثابة ماراثون يتسابقن من خلاله على خدمة الوطن.
لن نطلب من العدو أن يوقف الحرب والدمار، لأنه لن يسمعنا، فهل للأموات أن يسمعوا الأحياء ؟؟
كلا، وألف كلا.. إنما نفتخر بالشعب الأوكراني الذي سطر أروع القصص في الدفاع عن وطنه ووحدة اراضيه.
كلي يقين وإن دمروا كل شيء فإنهم لن ينتصروا، فهذه الارض هزمت قبلهم أعتى جيوش العالم، وما الأمس عن اليوم ببعيد، وإن غدا لناظره قريب…
المجد لأوكرانيا والخزي والعار لكل معتد جبار…