رحلة النجاة الاخيرة
بوابة أوكرانيا – كييف – 27 مارس 2022- وتستمر المعاناة، تسعينية تروي قصة خروجها بمعجزة من وسط لهيب النار الى بر الأمان، حيث تمكنت أولها موليبوها البالغة من العمر تسعين عامًا وابنتها من الخروج من مدينة تشيرنيهيف شمال أوكرانيا في الوقت المناسب.
وبعد فترة وجيزة من مغادرتهم هذا الأسبوع، دمر القصف الروسي جسرًا يربط تشيرنيهيف بالعاصمة الأوكرانية كييف، واستحالة خروج المدنيين أو إدخال الإمدادات الإنسانية اليها.
واستنشقت المرأة المسنة الصعداء بعد وصولها إلى بلدة برزيميسل بشرق بولندا حيث شعرت بالامان بعد معاناة استمرت ايام، وفقدانها الأمل بالحياة، وبعد برهة من الزمن، اخذت موليبوها تروي رحلة معاناتها مع الغزو الروسي..
وبدأت حديثها عن المأساة الحقيقية لسكان هذه المدينة وفقدانهم ابسط مقومات الحياة فلا توجد مياه أو كهرباء.. انهم يفقدون منازلهم ولذة النوم الهادئ فهم يستيقظون على اصوات المدافع التي تقلق مسامعهم لكن هذا لن يمنعهم من الدفاع عن أنفسهم.
وبقيت كلمات موليبوها ترن على مسامعنا وصداها يصل العالم أجمع حينما قال وهي في محطة سكة حديد برزيميسل “سندافع عن أنفسنا حتى النهاية ما دمنا أحياء”، “نعتقد أننا سنفوز.”
واستطردت القول وهي جالسة على كرسيها المتحرك، وكلبها على ركبتيها، وهي مستهجنة مما حدث؛ إن الأوكرانيين تعرضوا للهجوم واي هجوم، انه هجوم من قبل “من يسمون إخوانهم، الإخ الأكبر سناً”.
وقالت وهي تبكي “هاجمونا وقصفونا، لقد دمروا كل شيء في مدينتنا، لقد مات الكثير من الأطفال، والعديد من النساء، لقد دمُرت كل منازلنا ولم تعد موجودة”.
وروت لحظات الرعب التي عاشتها، قائلةً: لم اشاهد مثل هذا المنظر والدمار منذ الحرب العالمية الثانية، وما يؤسفني اننا نقتل من قبل من كنا نقاتل معهم ضد من يقف اليوم بجوارنا ويدافع عنا.
وتابعت متأسفة على ما يحدث، لقد انتهت احلام النازية على ارض أوكرانيا، عندما كنا ندافع عن ارضنا نحن واشقاؤنا من احرار العالم أجمع.. فمثلما كانت أوكرانيا مُحطمة لأحلام الديكتاتور هتلر ستكون ايضا محطمة لآمال بوتين.
وناشدت موليبوها احرار وشرفاء العالم مناصرة بلادها والوقوف الى جانبهم لحمايته من الدمار الذي حل به على يد هتلر الجديد “بوتين”.
رحلة النجاة الاخيرة توقفت عند هذه المحطة وبدأت رحلة الحنين والشوق الى مدينتها المكلومة التي ولدت وعاشت هذه المسنة طفولتها وصباها واجمل ايام عمرها فيها، لتقول لنا كم كنتم اتمنى ان تنتهي حياتي على ارضها وبين اهلي ومحبي.
ابنتها الحاضرة والشاهدة على رحلة المعاناة، ناتاليا لوكوشينا، التي مرت بهما، وهي تدفع والدتها (التي لم تتخلى عن كلبها) على كرسي متحرك، قالت كنت اتظاهر بالقوة أمام والدتي ولكني اتقطع الماً في داخلي مما حدث لمدينتي واهلها الطيبون، الذين يعانون اشد انواع العذاب والتنكيل.
وتابعت ان ما خفف من ألمنا اننا لقينا شعب طيب احبنا وقدم لنا يد العون والمساعدة، حقاً؛ هؤلاء البولنديين هم اخواننا الحقيقيون الذين تعجز الكلمات عن شكرهم.
وختمت.. إن اكثر ما يؤلمني في هذه اللحظة “ان لا يزال هناك أطفال، والكثير من الأطفال، لا أعرف كيف سيعيشون “.