بوابة اوكرانيا – كييف – 9 يونيو 2022 – في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية حول حرب روسيا على اوكرانيا يحاول الإجابة عن السؤال المتعلق بمن يملك قرار وقف الحرب التي دخلت شهرها الرابع وخلقت أزمات أثرت على العالم أجمع.
وبدأ الصحفي ديفيد فون درييل -وهو كاتب رئيسي في واشنطن بوست- مقاله بالتساؤل عمن يستطيع إنهاء “الحرب الحمقاء” في أوكرانيا؟ مؤكدا أن قائمة من يمتلكون القدرة على وضع حد للحرب قصيرة للغاية.
وقال أيضا إنه من الغريب أن قادة ومفكرين غربيين من مختلف الأطياف السياسية يعتقدون أن الولايات المتحدة وحلفاءها يملكون القدرة على إنهاء الحرب التي وصفها بـ”المذبحة”.
وأشار إلى أن الأصوات التي تعالت مؤخرا بالشكوى من أن “المقاومة الأوكرانية” بدعم من الدول الحليفة في الغرب، تقف على نحو ما في وجه وقف إطلاق النار، يوجد من بينها سياسيون من مختلف الأطياف، بدءا بوزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر الذي ينتمي لليمين، إلى السيناتور الجمهوري راند بول.
بوتين لا غيره
وللإجابة عن السؤال الذي استهل به مقاله، يرى فون درييل أن الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يوقف هذا “الرعب” على حد تعبيره هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي حشد 190 ألف جندي من جيشه لغزو جارته أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي.
وقال إن “دولا عديدة حول العالم ناشدت بوتين ألا يشن هجوما غير مبرر هو الأكبر من نوعه في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، لكنه تجاهل النصيحة وغزا أوكرانيا”.
ومنذ الأسبوع الأول لاندلاع الحرب، والكلام للكاتب، عرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مرارا وتكرارا على الجانب الروسي شروطا سخية لوقف إطلاق النار تضمن عودة السلم والاستقرار.
وحتى بعد إلحاق الأوكرانيين هزائم بالجيش الروسي لأكثر من 3 أسابيع، كانت مطالب زيلينسكي تنحصر في أن تعود روسيا إلى موقفها قبل الغزو وتلتزم باحترام السيادة الأوكرانية، على أن تتخلى كييف في المقابل عن الانضمام لحلف شمال الأطلسي.
وانتقد الكاتب الأصوات المطالبة بإيجاد مخرج لبوتين، “الذي تشن قواته حربا طائشة وعشوائية على أهداف مدنية منذ 3 أشهر، وارتكبت فظائع من بينها الاغتصاب والنهب والخطف والقتل”. وقال إنه بالرغم من ذلك، فإن الشروط التي قدمها زيلينسكي لإنهاء الحرب “تسمح لبوتين بالعودة إلى الوضع الذي كان قائما قبل الغزو، من دون أن يخسر شيئا سوى هيبة أمته” على حد تعبيره.
ورأى فون درييل أن السماح لبوتين بالخروج من الحرب بهذا القدر هو الحد الأقصى الذي يمكن أن يسمح به العالم، لأن إعطاء شبر إضافي سيكون خيانة للمبدأ الأساسي الذي يقضي بعدم السماح للقادة “الفاشيين بسرقة الأرض باستخدام القوة العسكرية وفرض حصار على صادرات الغذاء باستخدام السفن الحربية في القرن الـ21”.
وقال الكاتب إنه لا يساوره شك في أن كيسنجر وغيره ممن طالبوا الغرب بوقف الحرب فعلوا ذلك مدفوعين برغبة جديرة بالثناء لإنهاء هذا العنف الرهيب، الذي قد يشهد مزيدا من التصعيد في أسرع وقت ممكن. ولكنهم بالغوا في تقدير قدرة الغرب على فرض شروط على الأوكرانيين.
القرار بيد هؤلاء
وقدم الكاتب جملة من الأسباب التي يرى أنها دليل على أن القدرة على إيقاف الحرب ليست بيد الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، وإنما بيد بوتين أولا ثم الأوكرانيين الذين يخوضون الصراع، في إشارة إلى أن الرئيس الروسي لن ينهي الحرب ما لم تجبره ساحات المعركة على ذلك.
ويعتقد الكاتب أن الرئيس الروسي لا يريد السلام ولا يرغب في إنهاء الحرب. حيث يرى أن بوتين “بذل جهودا مضنية لتجنب السلام. وقد دفع -وما زال يدفع- ثمنا باهظا لمقاومة السلام”.
وقال إنه “حتى مع تلاشي قوته العسكرية وتراجع اقتصاده، فإن بوتين يرفض محادثات وقف إطلاق النار. وقد توسل إليه الدبلوماسيون للتفاوض، لكنه لم يتعاط مع الموضوع بجدية”.
ومن بين الأدلة الأخرى التي ساقها الكاتب على قلة حيلة الغرب فيما يتعلق بوقف الحرب في أوكرانيا، قوله إن المقاتلين الأوكرانيين في مدينة ميليتوبول التي تحتلها روسيا بدؤوا المقاومة بالفعل، ومن المرجح أنهم مسؤولون عن هجوم بسيارة مفخخة استهدف مسؤولا كبيرا بالقوات الروسية بالمدينة.
وقال إن إيفان فيودوروف، عمدة المدينة المخلوع، قد وعد بمزيد من العمليات المماثلة، متعهدا بأن “الأرض ستحترق” في ميليتوبول حتى ينسحب الجيش الروسي.
وتساءل الكاتب “هل تتذكرون الجدات الأوكرانيات اللاتي كُنّ يصنعن زجاجات المولوتوف الحارقة خلال الأيام الأولى للحرب؟ هؤلاء الناس هم من سيقررون بأنفسهم متى يتوقفون عن القتال”.
وأعرب الكاتب عن اعتقاده بأن بوتين سينهي الحرب فقط عندما يقرر أنه لا يملك خيارا آخر غير ذلك، وعليه فإن على الأوكرانيين الاستمرار في القتال.