مباراة فرنسا والمغرب.. مخاوف من اندلاع حرب أهلية بعيداً عن المستطيل الأخضر

بوابة اوكرانيا – كييف – 14 كانون الأول 2022 -من الظاهر أن كأس العالم 2022 في قطر مستمر في خلق مزيد من الجدل في فرنسا على كل المستويات. فمنذ الإعلان عن لقاء المنتخب المغربي ونظيره الفرنسي في مباراة نصف النهائي مساء اليوم الأربعاء تعالت الأصوات للتعليق حول الأمر، لكن هذه المرة بعيدًا عن المستطيل الأخضر.
فبدل التركيز على الكرة المستديرة، طغى جدل عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل يضع في مقدمة اهتماماته ملف الهجرة ومدى اندماج الأجانب في المجتمع الفرنسي، وحتى العلاقات الاقتصادية بين باريس والدوحة.
انتقاد نائب فرنسي بسبب دعمه المغـرب
قد يكون النائب الفرنسي بنجامين لوكاس أول من تلقى الانتقادات اللاذعة بعد نشره تغريدة يدعم فيها المنتخب المغربي قبل مباراته ضد البرتغال، حيث قال “بعد ظهر اليوم، في انطلاق مباراة تاريخية، مع المغاربة وعشاق المغرب في مانتو!” شمال العاصمة باريس.
ولم يرُق المنشور لنائب التجمع الوطني جوليان أودول، الذي كتب على تويتر “كان عليك أن تُنتخب في المغرب. ما دمت تحب الأجانب كثيرًا، يجب أن تستقر هناك”.
وهو ما دفع بلاعب التنس -المحترف بين عامي 2000 و2018- جوليان بينيتو، للردّ على السياسي اليميني المتطرف متأسفًا “أيها السيد المسكين، يمكنك أن تحب الآخرين وتكون فرنسيًا وتحب فرنسا في الوقت نفسه.. لكن هذا أمر استعصى عليك فهمه”.
مخاوف من اندلاع “حرب أهلية”
أبدت عمدة الدائرة الثامنة في باريس جان سي هوتسيري مخاوفها من “اندلاع حرب عصابات وحرب أهلية” مساء الأربعاء القادم في العاصمة الفرنسية بعد انتهاء المباراة، في مداخلة أجرتها على قناة “سي نيوز” (CNEWS).
وقالت هوتسيري “عندما نريد الاحتفال بالفوز، لا نأتي بمدافع الهاون.. الجميع خائفون ولا نريد أن يتحول الشانزيليزيه إلى ساحة معركة!”.
ومن المقرر تعبئة أكثر من 1200 من رجال الشرطة يرتدون الملابس المدنية والزي العسكري في العاصمة وضواحيها، ابتداء من الساعة الرابعة ظهرًا بالتوقيت المحلي.
وستنفّذ الشرطة دوريات في جميع محطات المترو الباريسية، خاصة التي تؤدي إلى الشانزيليزيه، وستمنع الوصول إلى المناطق المحيطة بالشارع لمنع الازدحام المروري المحتمل.
في حين قرر معظم التجار إغلاق أبوابهم مبكرًا كإجراء احترازي في جادّة الشانزيليزيه، خوفًا من إعادة ما حدث مساء السبت الماضي، بعد تأهل المنتخبين المغربي والفرنسي.
وتأتي هذه الاستعدادات الأمنية عقب اندلاع حرائق في أماكن عدة، ووقوع اشتباكات مع عناصر الشرطة أدّت إلى اعتقال ما لا يقل عن 170 شخصًا في عدد من المدن الفرنسية، بما في ذلك 100 في باريس، فضلًا عن إصابة 19 ضابطًا بجروح طفيفة، وفق مصادر الشرطة ومكتب المدعي العام في باريس.

اليمين المتطرف: ندفع إخفاق سياسة الهجرة
منذ معرفة أسماء المنتخبات المتأهلة للمربع الذهبي، تهافتت شخصيات سياسية اشتهرت بآرائها المعادية للمهاجرين في البلاد، على ربط المباراة المرتقبة بملف الهجرة والسياسة.
ويرى رئيس الجبهة الوطنية جوردان بارديلا أن بعض المشجعين المغاربة يسكنهم شعور بالانتقام من فرنسا (المستعمرة القديمة) أكثر من الروح الرياضية، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يؤدي إلى وقوع اشتباكات وعنف مع عناصر الأمن.
وأضاف بارديلا -في مقابلة على قناة “بي إف إم تي في” (BFMTV)- “نحن ندفع ثمن 30 عامًا من إخفاق سياسة الهجرة. يوجد جيل شاب يبلغ من العمر 20 و25 و30 عامًا يتصرف في فرنسا مثل مواطن دولة أجنبية، ويعبّر عن شعور الانتقام بشكل مستمر”.
بينما وصف اليميني المتطرف إريك زمور ما سيحصل مساء الأربعاء المقبل بـ”الأمر المخيف للشرطة”، متسائلًا “أود أن أعرف كيف سيكون ردّ فعل ملك المغرب والمغاربة إذا احتفل الآلاف من الفرنسيين بانتصارهم في مراكش؟”.
كما اغتنم بعضهم الفرصة لانتقاد مبدأ ازدواجية الجنسية، ووضع ولاء الداعمين المغاربة الحاملين للجنسية الفرنسية أمام اختبار الاختيار بين بلد الأصل وبلد الإقامة.
من جهته أعرب المتحدث باسم التجمع الوطني لوران جاكوبيلي -الذي كان ضيفًا على محطة “فرانس إنفو” (France Info) يوم الأحد الماضي- عن أسفه لرؤية أشخاص يحملون بطاقة الهوية الفرنسية، ولا يهتفون للمنتخب الفرنسي، وإنما لبلد آخر.
ماكرون.. بين الرياضة والسياسة
تتزامن هذه التصريحات بعد أسبوع من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مشروع قانون للهجرة ـبضغط من اليمين المتطرف- يعزّز سياسة مغادرة الأراضي الفرنسية للمهاجرين دون أوراق، ويضع طالبي اللجوء أمام فرصة واحدة فقط للحصول على إقامة قانونية في البلاد.
ودعت شخصيات سياسية إيمانويل ماكرون إلى التراجع عن قرار الذهاب إلى الدوحة لحضور نصف النهائي بين فرنسا والمغرب؛ بذريعة ملف حقوق الإنسان. ويزعم النائب لوكاس أن رئيس الجمهورية يمكن أن يكتفي بدعم المنتخب ومشاهدة المباراة من قصر الإليزيه، معدًّا قراره “خطأ سياسيًا حول ما يتعلّق بالتاريخ”.
يُذكر أنه في اليوم التالي لمباراة نصف نهائي المونديال، ستتوجه وزيرة الخارجية كاثرين كولونا إلى الرباط للقاء المغربي ناصر بوريطة؛ للتحضير لزيارة رسمية لماكرون، في محاولة لتخفيف التوتر الذي تشهده العلاقات الفرنسية المغربية منذ أشهر عدة.
وفي الأخير -وكما قالت الصحفية الفرنسية ألبا فينتورا- “يجب التوقف عن معركة الهُويّات والأصول.. إنها لعبة كرة قدم في النهاية، ويجب الاستمتاع باللعبة بدل الغرق في هواجس متعلقة بالهوية”.

اقرأ ايضا..ضحية جديدة في قائمة ضحايا “المشجع المنحوس”

Exit mobile version