بوابة اوكرانيا- كييف 18 فبراير2024– شهدت المملكة العربية السعودية زيادة بنسبة 11 في المائة في الإيرادات غير النفطية، لتصل إلى 457.73 مليار ريال سعودي (122.06 مليار دولار) في عام 2023 مقارنة بعام 2022، حسبما أظهرت بيانات رسمية.
وأدى النمو، المدفوع في المقام الأول بزيادة الضرائب على الدخل والأرباح والأرباح الرأسمالية، إلى زيادة بنسبة 58 في المائة في هذه الضرائب، بإجمالي 38.64 مليار ريال سعودي، كما ورد في تقرير أداء ميزانية العام المالي 2023 الصادر عن وزارة المالية.
وينسجم ذلك مع جهود المملكة العربية السعودية لترسيخ مكانتها كوجهة استثمارية عالمية ومركز أعمال، تطمح إلى الانضمام إلى مصاف الاقتصادات الرائدة في العالم.
ربما يكون الارتفاع الكبير في الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة العربية السعودية قد ساهم في زيادة الإيرادات الضريبية مع قيام المزيد من الشركات الدولية بإنشاء عمليات في البلاد.
ومن المتوقع أيضاً أن تحقق مبادرات الحكومة لتعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، بما في ذلك إعفاء الشركات من ضريبة الدخل على الشركات التي تنقل مقارها الإقليمية إلى المملكة العربية السعودية، فوائد طويلة الأجل.
ومن المتوقع أن تؤدي هذه التدابير إلى تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز التوسع، وتوليد فرص العمل.
وشدد طلعت زكي حافظ، الكاتب الاقتصادي والخبير المصرفي، لصحيفة عرب نيوز، على التأثير الكبير لهذه الحوافز الحكومية، حيث من المتوقع أن تحفز الأنشطة التجارية في المملكة.
كما ارتفعت الإيرادات الأخرى، بما فيها إيرادات الوحدات الحكومية المختلفة والرسوم الإدارية، بنسبة 15 في المائة إلى 101.1 مليار ريال، لتشكل ما نسبته 22 في المائة من إجمالي إيرادات الدولة.
وعلى الرغم من أن الضرائب على السلع والخدمات تساهم بأعلى حصة بنسبة 57 في المائة، إلا أنها شهدت زيادة أكثر تواضعا بنسبة 4 في المائة.
وفي المقابل، انخفضت إيرادات النفط بنسبة 12 في المائة إلى 754.56 مليار ريال، لتشكل ما نسبته 62 في المائة من إيرادات الموازنة. ويؤكد هذا الانخفاض، الذي يُعزى إلى التخفيضات الطوعية لإنتاج النفط، التزام المملكة العربية السعودية بإصلاحات رؤية 2030 التي تهدف إلى تعزيز دور الاقتصاد غير النفطي في التنمية الوطنية.
وبلغ إجمالي الإيرادات 1.21 تريليون ريال، بانخفاض قدره 4 في المائة عن العام السابق، لكنه تجاوز تقديرات الوزارة لشهر ديسمبر 2023 بنسبة 2 في المائة.
الإنفاق الحكومي
وبناء على بيانات الوزارة، ارتفع إجمالي الإنفاق بنسبة 11 في المائة ليصل إلى 1.29 تريليون ريال، مدفوعا في الغالب بزيادة نفقات السلع والخدمات بنسبة 18 في المائة، لتصل إلى 303.4 مليار ريال. ولعبت الحصة الكبيرة لهذه الفئة البالغة 23 في المائة دوراً هاماً في دفع الزيادة الإجمالية.
ويمكن أن تعزى الزيادة في الإنفاق الحكومي إلى إدخال مجموعة واسعة من مشاريع البنية التحتية في المملكة العربية السعودية، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والمواءمة مع رؤية 2030.
وتهدف هذه المبادرات إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا للاستثمار والخدمات اللوجستية، وتشجيع الاستثمارات في قطاعات مثل المدن الذكية والسياحة والطاقة المتجددة.
ويؤكد حصول الرياض على حقوق استضافة معرض إكسبو العالمي 2030 التزام الحكومة بتعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة من خلال تطوير البنية التحتية الاستراتيجية.
بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت النفقات الرأسمالية على الأصول غير المالية، والتي تمثل الاستثمارات في الأصول الملموسة لأغراض الإنتاج، بنسبة 30 في المائة إلى 186.5 مليار ريال.
وشهد الربع الرابع من عام 2023 أكبر ارتفاع في النفقات الرأسمالية، حيث ارتفع بنسبة 84 في المائة إلى 75.84 مليار ريال سعودي من 41.2 مليار ريال سعودي في الربع الثالث من نفس العام.
ووفقاً لحافظ، فإن استخدام الحكومة السعودية لطريقة المحاسبة على الأساس النقدي لأرقام ميزانيتها، بدلاً من أساس الاستحقاق، قد يؤدي إلى تسجيل بعض النفقات في أرباع مختلفة من العام.
وأشار أيضاً إلى أن عجز الموازنة البالغ 81 مليار ريال يمكن أن يعزى بشكل رئيسي إلى زيادة الإنفاق الرأسمالي على مشاريع التنمية في المملكة.
وعلى الرغم من أن تعويضات الموظفين تمثل الحصة الأكبر بنسبة 42 في المائة، إلا أنها شهدت ثالث أكبر تأثير، حيث نمت بنسبة 5 في المائة إلى 537.32 مليار ريال. وتشمل هذه المزايا المقدمة للموظفين مقابل عملهم اشتراكات الضمان الاجتماعي التي تدفعها الوحدة الحكومية نيابة عن موظفيها.
وكانت القطاعات التي حصلت على أعلى المخصصات في الإنفاق الحكومي هي الصحة والتنمية الاجتماعية، والجيش، والتعليم.
وأفادت إدارة التجارة الدولية الأمريكية أن المملكة العربية السعودية تشكل 60 بالمائة من الإنفاق على الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، مع كون هذا القطاع أولوية قصوى للحكومة السعودية.
وكجزء من رؤية 2030، تخطط الحكومة لاستثمار أكثر من 65 مليار دولار لتعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية في البلاد، وخصخصة الخدمات الصحية والتأمين، وإنشاء 21 مجموعة صحية على مستوى البلاد، وتوسيع خدمات الصحة الإلكترونية.
بالإضافة إلى ذلك، تهدف الحكومة إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص من 40% إلى 65% بحلول عام 2030، وتعتزم خصخصة 290 مستشفى و2300 مركز رعاية صحية أولية.
وفي نهاية عام 2023، بلغت الاحتياطيات الحكومية 390 مليار ريال، يرافقها رصيد حساب جاري قدره 46.3 مليار ريال. بالإضافة إلى ذلك، بلغ الدين العام 1.05 تريليون ريال، ويشكل الدين المحلي 61 في المائة من الإجمالي.
موازنة 2024
وفي ديسمبر 2023، وافقت المملكة العربية السعودية على الموازنة العامة للدولة لعام 2024، وتوقعت إيرادات بقيمة 1.17 تريليون ريال سعودي ونفقات بقيمة 1.25 تريليون ريال سعودي.
تخطط المملكة لزيادة الإنفاق لتسريع تنفيذ البرامج الرئيسية المتوافقة مع أهداف الرؤية السعودية 2030. وأشار وزير المالية محمد الجدعان إلى أن الميزانية السنوية استندت إلى تقديرات متحفظة لإيرادات النفط، مشيرا إلى أن العجز ناتج عن زيادات متعمدة في الإنفاق وليس تقلبات أسعار النفط.
وبحسب تقرير الوزارة عن موازنة 2024، تخطط الحكومة لمواصلة أنشطة الاقتراض المحلي والخارجي لمعالجة متطلباتها التمويلية وإدارة العجز المتوقع في الميزانية.
ويهدف إلى الاستفادة من ظروف السوق لتأمين تمويل إضافي وسداد الديون أثناء تمويل المشاريع الاستراتيجية.
ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي الدين المتوقع إلى نحو 1.10 مليار ريال في العام المالي 2024، وهو ما يمثل 25.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع توقع نمو مستدام على المدى المتوسط لتلبية متطلبات التمويل.
وفي فبراير 2024، أكدت وكالة فيتش التصنيف الائتماني للمملكة العربية السعودية عند A+ مع نظرة مستقبلية مستقرة، مستشهدة بميزانيات عمومية مالية وخارجية قوية. وشددت الوكالة على أن الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي وصافي الأصول الأجنبية السيادية يتجاوز المستويات المتوسطة لتصنيفات مماثلة.
ووفقاً لوكالة فيتش، تتمتع المملكة بواحدة من أعلى نسب التغطية الاحتياطية بين الصناديق السيادية المصنفة من قبل وكالة فيتش، أي ما يعادل 16.5 شهراً من المدفوعات الخارجية الحالية.