بوابة اوكرانيا – كييف 13 يناير 2025 – في صباحٍ كئيب تسلل فيه الألم إلى كل بيت، استيقظ الأردنيون على فاجعة تقشعر لها الأبدان: أب يقتل طفليه بدم بارد. في لحظة انفصلت عن الإنسانية، تحولت يد الأب التي خُلقت لتحتضن وتحنو إلى أداة للغدر، فأطفأ نور حياتين صغيرتين كانتا تنتظران منه الأمان والحب.
كيف تنكسر الروح؟
كلّما استعرضنا هذا المشهد القاسي، يتبادر إلى الأذهان سؤال مفجع: ماذا يحدث في أعماق إنسان حتى يصل به الحال إلى قتل فلذات كبده؟ الأب، الذي وقف أمام قاضيه الإلهي قبل أن يقف أمام قضاء البشر، أقرّ بجريمته وهو يحمل في عينيه نظرات ضياع وألم. بين كلماته المتعثرة، تبرز قصص عن ضغوط حياتية، ديون، وصراعات نفسية. لكنها، ورغم قسوتها، لا يمكن أن تكون مبررًا لجريمة كهذه.
أطفال كانوا يحلمون..
الطفلان، وجهان صغيران يملؤهما البراءة، لم يعرفا أن من يفترض أن يكون ملاذهما الأخير سيكون قاضيهما وجلادهما. كانت أحلامهما صغيرة، ربما دمية، أو رحلة قصيرة مع العائلة، أو حتى قبلة قبل النوم. لكنها تبعثرت تحت وطأة لحظة من الجنون، لتترك خلفها فراغًا لا يمكن ملؤه، وجرحًا في ضمير أمة كاملة.
مسؤولية مجتمع بأكمله
هذا الحادث الأليم لا يجب أن يُنظر إليه كجريمة فردية فحسب، بل كصرخة في وجه مجتمع يعاني من تصدعات نفسية واجتماعية. كم من أب أو أم يكابدون صراعاتهم بصمت؟ كم من أسر تعيش تحت خط الألم دون أن تجد من يمد يد العون؟
المجتمع الأردني اليوم بحاجة إلى مراجعة شاملة لقيمه وآلياته في التعامل مع الضغوط. الحاجة إلى مراكز دعم نفسي حقيقية، وإلى ثقافة تحترم فكرة طلب المساعدة، باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى.
رسالة إلى القلوب الحية
هذه المأساة ليست مجرد حادثة نقرؤها في الصحف أو نمرّ بها مرور الكرام. هي نداء لكل فرد في هذا المجتمع. تذكير بأن الحياة أثمن من أن تُختصر بلحظة غضب، وأن الحب يجب أن يكون الحصن الذي نحتمي به، لا السلاح الذي نحطم به كل شيء.
وداعًا صغيرَي الأردن..
لروحَي الطفلين البريئتين، عذرًا لأن هذا العالم لم يمنحكما الأمان الذي تستحقانه. عذرًا لأن طفولتكما انطفأت قبل أن تكتمل.
بقلم محمد فهد الشوابكة